جلالةُ السُّلطان المُعظّم يزور قاعة مجلس مدينة مدريد

الخطب التي ألقاها حضرة صاحب الجلالة السلطان خلال الزيارة الرسمية إلى مملكة إسبانيا

6 نوفمبر 2025

فيما يلي نصوص ثلاث خطب ألقاها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم خلال زيارته الرسمية إلى مملكة إسبانيا في الفترة من 3 إلى 5 نوفمبر 2025م.

في 4 نوفمبر 2025م، زار جلالةُ السُّلطان هيثم بن طارق المُعظّم /حفظهُ اللهُ ورعاهُ/ مجلس الشّيوخ الإسباني بمدريد، في إطار الزيارة التي يقوم بها جلالةُ السُّلطان لمملكة إسبانيا الصّديقة.

جلالةُ السُّلطان المُعظّم يزور مجلس الشّيوخ الإسباني

و ألقى جلالةُ السُّلطان المعظم كلمةً بمناسبة زيارته المجلس جاء فيها:

“إنّنا نشعرُ بغبطةٍ عظيمةٍ أن تُتاح لنا هذه السانحةُ لمخاطبة مجلسكم الموقّر بقِسميْه مجلس الشيوخ ومجلس النواب اللذين يمثّلان الشعب الإسباني الصّديق الذي نُكنّ له احترامًا كبيرًا وتقديرًا لمواقفه المُشرّفة من القضايا العديدة التي يُعاني منها العالم ونحفظ له صداقةً تاريخيّةً قائمةً على الاحترام المُتبادل والتّعاون المُثمر، تلك الصداقةُ التي أثبتت الأيامُ رسوخَها فزادتْها ثباتًا؛ مما أهّلها لمزيد من التّقدم”.

وأضاف جلالتُه: “فمُذ حللنا بأرضكم الطيبة وجدنا من الشعب الإسباني كلّ ترحيب، فذاك ليس بغريبٍ عليه، فقد تفاعل ومازال يتفاعل مع جميع الحضارات بروح فذّة تجلّت في العلوم والفنون والشواهد الأثرية التي حافظ عليها واعتبرها من أهمّ إنجازات التّلاقي التّاريخي والحضاري، فجعل منها إرثًا ثقافيًّا ومعالم تاريخيّة يزورها ملايين السّياح”.

جلالتُه: “كما تكشف زيارتُنا هذه أيضًا عن متانة العلاقة التي تربطنا شخصيًّا بجلالة ملك إسبانيا، وتُظهر متانة العلاقة التي تربط الشعب العُماني بالشعب الإسباني، تلك العلاقات التي نتطلع بكل الحرص إلى دعمها وتقويتها لتشمل جميع النواحي السياسيّة والاقتصاديّة والتجاريّة والثقافيّة”.

وأضاف جلالتُه: “إن المجالس في كل بلد بمختلف مُسمّياتها لها دورٌ محوريٌّ في تطوير العمل الوطني، فهي تمثّل حلقة الوصل بين الحكومة والمجتمع، وهي مرجعُ القوانين والتشريعات، وتعمل على تعزيز مبدأ المشاركة المُجتمعيّة في صنع القرار بما يحقّق التنمية المُتوازنة وترسيخ روح التّعاون بين المواطن ومؤسّسات الدّولة”.

وقال جلالتُه: “إنّنا في سلطنة عُمان، وقد قطعنا أشواطًا واضحة في مختلف مناحي الحياة؛ لنتطلّع إلى استمرار التّعاون البنّاء مع بلادكم التي حققت قفزات واضحة من التّقدم والازدهار، وستُتاح لنا أثناء هذه الزيارة فرصة لبحث أوجه التّعاون المُستقبلي بين بلديْنا على المستويين الحكومي والخاص، آملين أن نخطو بهذا التّعاون قُدمًا لما يحقّق مصلحة شعبينا”.

في وقت لاحق من يوم 4 نوفمبر 2025م، ألقى جلالةُ السُّلطان هيثم بن طارق المُعظّم كلمة أمام مجلس مدينة مدريد، وذلك بعد أن قامت نائبة العمدة بتسليم مفتاح مدينة مدريد لعاهل البلاد المُفدّى رمزًا للتقدير والاحترام.

جلالةُ السُّلطان المُعظّم يزور قاعة مجلس مدينة مدريد

“لقد تلقينا منكم مفتاحَ هذه المدينة الرائعة بيد الرّضا والقبول مُقدّرين شعوركم الفيّاض تُجاهنا وتجاهَ بلادنا سلطنة عُمان، إن هذه البادرة الطيّبة منكم لدليل على أن عاصمة بلادكم، وبلادكم بشكل عام، ترحّب بالجميع، فهي مهوى أفئدة السّائحين والأدباء والمُفكرين والفنّانين الذين يفِدون إليها من دول العالم لما تزخر به من تاريخٍ عريقٍ وعمارةٍ فريدةٍ وخدماتٍ ممتازةٍ وجمالٍ أخّاذٍ”.

وأضاف جلالتُه: “لقد أُعْجِبنا بنظامكم المحلّي الذي تؤدّون فيه دورًا رئيسيًّا، فأنتم تتولّون الحكومة والإدارة المحلية باعتباركم القائد التنفيذيّ للإدارة التي تشرفون من خلالها على العمليات اليومية في هذه المدينة”.

جلالتُه: “إننا نتطلّع إلى تقوية العلاقات بين مدينة مدريد الرائعة وبين مدينة مسقط عاصمة بلادنا، ويحدونا أملٌ كبيرٌ أن ذلك سيؤدّي إلى الاستفادة المُشتركة من تجارب المدينتين في مختلف المجالات، وبما يُسهم في تطوير وترسيخ العلاقات بين بلديْنا”.

في مساء يوم 4 نوفمبر 2025م، تكريمًا لحضرةِ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المعظّم /حفظهُ اللهُ ورعاهُ/، أقام جلالةُ الملك فيليبي السادس ملكُ مملكة إسبانيا وقرينتُه جلالة الملكة ليتيزيا مأدبةَ عشاء رسميّةً على شرف جلالةِ السُّلطان المعظم، في القصر الملكي بالعاصمة الإسبانية مدريد.

تكريمًا لجلالةِ السُّلطان المعظم.. ملكُ إسبانيا يُقيم مأدبة عشاء

كما ألقى حضرةُ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المعظم كلمة بهذه المناسبة، جاء في نصّها:

“إنه لمن دواعي سرورنا أن نكون في رحاب بلدكم العريق، مملكة إسبانيا، التي لطالما كانت جسرًا حضاريًّا وإنسانيًّا يربط بين الشرق والغرب ومركزًا للإشعاع الثّقافي والتّنوع الفكري وإننا إذ نحل ضيوفًا على جلالتكم، لنشعر بدفء الصّداقة بيننا، ونثمّن عاليًا كرم الضّيافة وحفاوة الاستقبال التي تعكس أصالة الشعب الإسباني وعمق العلاقات التاريخيّة بين بلديْنا.

إن العلاقات العُمانية الإسبانية ليست وليدة اللّحظة، بل تستند إلى إرث طويل من التّفاعل الثّقافي والاحترام المتبادل، وقد تعزّزت هذه العلاقة عبر العقود الماضية من خلال الزيارات الثنائية، والتعاون البنّاء في شتى المجالات.

لقد سجلت هذه الزيارة فرصة تاريخيّة للاحتفاء بمسيرة العلاقات العريقة الطيّبة بين بلديْنا، وتؤكّد التزامنا الشخصيّ ودعمنا المباشر لتطوير هذه العلاقات التي شهدت نموًّا متسارعًا خلال الفترة الماضية في المجالات الاقتصاديّة والتجاريّة والاستثماريّة، ولقد رافقني في هذه الزيارة عددٌ من الوزراء المعنيين بهذا الشأن لاستكشاف المزيد من فرص التّعاون بين بلديْنا.

إنّنا في سلطنة عُمان نؤمن بأن الحوار والانفتاح على الثّقافات والحضارات هو السبيل الوحيد لبناء عالم أكثر تفاهمًا واستقرارًا وتعاونًا، وقد كانت مملكة إسبانيا عبر تاريخها مثالًا على هذا الانفتاح، ومقصدًا للعلماء والفنّانين والأدباء والمُفكرين من مختلف أصقاع الأرض، حيث كانت بلادكم منارة علمٍ ومعرفةٍ أسهمت في صياغة ملامح الحضارة الإنسانية.

إن شراكتنا تتجسّد بوضوح في القيم المشتركة والتّفاهم المُتبادل والاحترام العميق، ويسرّنا أن نُعرب عن تقديرنا لدور إسبانيا كقوة سياسيّة رائدة في أوروبا وفي الاقتصاد العالمي، فضلًا عن الدّور الذي لعبته في تعزيز السّلام والعدالة.

واستشرافًا للمُستقبل، نأمل أن نتمكّن في ضوء التزامنا المشترك بالمعايير الدّولية من العمل معًا لمواجهة التحدّيات العالميّة، كما نؤكّد حرصنا على فتح آفاق أوسع للتعاون التجاريّ والاستثماريّ وللتبادل الثقافيّ والمعرفيّ، وتشجيع الحوار بين الشعوب، بما يُسهم في بناء مستقبل أكثر ازدهارًا وتسامحًا لأجيالنا القادمة.

نشكركم عاليًا على الترحيب الحار الذي حظينا به، ولا يسعُنا إلا أن نسجّل تطلّعنا لاستقبالكم في سلطنة عُمان، لنواصل حوارنا البنّاء، توطيدًا لمزيد من الرّوابط وعلاقات التعاون بين بلدينا.

مع خالص أمنياتنا للشعب الإسباني الصّديق باستمرار التقدّم والازدهار، ولعلاقاتنا بمزيد من القوّة والنّماء”.